نعت وزارة الثقافة السورية ومديرية الفنون الجميلة وكلية الفنون الجميلة بدمشق، إلى جانب الوسط الثقافي والتشكيلي في سوريا، الفنانة التشكيلية الدكتورة بثينة علي، التي وافتها المنية عن عمر ناهز الخمسين عامًا.
كانت الفنانة الراحلة من الشخصيات البارزة في المشهد الفني السوري والعالمي، ولعبت دورًا مهمًا في تطوير وتعليم الفنون البصرية في سوريا.
مسيرة فنية وتعليمية متميزة
ولدت الفنانة بثينة علي في دمشق عام 1974، وكانت من أوائل خريجي كلية الفنون الجميلة بدمشق، حيث حصلت على دبلوم في التصوير. وواصلت مسيرتها التعليمية في فرنسا، حيث نالت دبلوم المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، ثم حصلت على دبلوم دراسات معمقة في تاريخ الفن الإسلامي، ودبلوم دراسات عليا في الفنون الجميلة.
كانت بثينة علي مدرسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق، وأسهمت بشكل كبير في تعليم الأجيال الشابة من الفنانين السوريين. لم تكن مجرد معلمة، بل كانت أيضًا ملهمة لطلابها وزملائها من خلال مشروعاتها الفنية وأفكارها الإبداعية.
مشاركات ومعارض عالمية
شاركت الفنانة الراحلة في العديد من المعارض الفردية والجماعية، ليس فقط في دمشق، بل أيضًا على مستوى عالمي في مدن مثل دبي، باريس، برلين، لندن، إيندهوفن، إسطنبول، القاهرة، وعمان. وقدمت أعمالها الفنية رؤى عميقة تحمل مضامين إنسانية وثقافية، معبرةً عن الواقع والتجارب الحياتية التي مرت بها.
كانت تجربة الفن التشكيلي بالنسبة لها أداة للتعبير عن القضايا الإنسانية والوطنية.
كما قدمت العديد من المحاضرات وورش العمل الفنية داخل سوريا وخارجها، ما يعكس شغفها الكبير بنقل تجربتها الفنية والمعرفية إلى الأجيال الجديدة. وتنوعت إسهاماتها في الفن التشكيلي، من الرسومات إلى المحاضرات وورش العمل، مما جعلها واحدة من أبرز الأسماء في مجال الفنون التشكيلية في سوريا.
مؤسسة مدد الثقافية
أسست الفنانة بثينة علي مؤسسة مدد الثقافية، التي تهدف إلى دعم الفنون والفنانين الشباب في سوريا. من خلال هذه المؤسسة، كانت الراحلة تعمل على تقديم الدعم المادي والفني للمواهب الشابة، وتعزيز الفنون كوسيلة للتعبير والتغيير الإيجابي في المجتمع السوري.
ساهمت بثينة علي في العديد من المشاريع الثقافية في دمشق القديمة وساحة الحطب في حلب، وحرصت على إحياء الأماكن التاريخية من خلال الفنون. وكانت مشاريعها تهدف إلى تعزيز الفن كجزء أساسي من الحياة اليومية للمجتمع السوري.
معرض ذاكرة ماء
آخر إسهامات الراحلة كان معرض ذاكرة ماء، الذي أقيم في حديقة المتحف الوطني بدمشق، ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري السابع. هذا المعرض كان بمثابة تكريم لتاريخ الفن السوري وتجربة الفنانة الراحلة في تقديم رؤى تعكس جماليات الفن التشكيلي السوري، واستمرارية دوره كجزء من الهوية الثقافية.
إرث بثينة علي الفني
بوفاة بثينة علي، فقدت الساحة الثقافية السورية والعالمية فنانة تشكيلة فريدة من نوعها، جمعت بين الإبداع الفني والعمل الأكاديمي. إرثها الفني سيبقى حاضرًا في ذاكرة محبي الفنون والمهتمين بالمشهد الثقافي السوري، حيث كانت تمثل رمزًا للتجديد الفني والانفتاح على العالم، دون فقدان جذورها الثقافية والتاريخية.